فصل: نجران:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.غزوة الكدر:

وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه إلى المدينة اجتماع غطفان فخرج يريد بني سليم بعد سبع ليال من منصرفه واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري أو ابن أم مكتوم فبلغ ماء يقال له الكدر وأقام عليه ثلاثة أيام ثم انصرف ولم يلق حربا وقيل إنه أصاب من نعمهم ورجع بالغنيمة وإنه بعث غالب بن عبد الله الليثي في سرية فنالوا منهم وانصرفوا بالغنيمة وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذي الحجة وفدى رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر أسارى بدر.
غزوة السويق: ثم إن أبا سفيان لما انصرف من بدر نذر أن يغزو المدينة فخرج في مائتي راكب حتى أتى بني النضير ليلا فتوارى عنه جي بن أخطب ولقيه سلام بن مشكم وقراه وأعلمه بخبر الناس ثم رجع ومر بأطراف المدينة فحرق نخلا وقتل رجلين في حرث لهما فنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون واستعمل على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر وبلغ الكدر وفاته أبو سفيان والمشركون وقد طرحوا السويق من أزوادهم ليتخففوا فأخذها المسلمون فسميت لذلك غزوة السويق وكانت في ذي الحجة بعد بدر بشهرين.

.ذي أمر:

ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر المحرم غازيا غطفان واستعمل على المدينة عثمان بن عفان فأقام بنجد صفر وانصرف ولم يلق حربا.

.نجران:

ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر ربيع الأول يريد قريشا واستخلف ابن أم مكتوم فبلغ نجران معدنا في الحجاز ولم يلق حربا وأقام هنالك إلى جمادى الثانية من السنة الثالثة وانصرف إلى المدينة.

.قتل كعب بن الأشرف:

وكان كعب بن الأشرف رجلا من طيء وأمه من يهود بني النضير ولما أصيب أصحاب بدر وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة مبشرين إلى المدينة جعل يقول: ويلكم أحق هذا؟ وهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس وإن كان محمد أصاب هؤلاء فبطن الأرض خير من ظهرها ثم قدم مكة ونزل على المطلب بن أبي وداعة السهمي وعنده عاتكة بنت أسيد بن أبي العيص بن أمية فجعل يحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينشد الأشعار ويبكي على أصحاب القليب ثم رجع إلى المدينة فشبب بعاتكة ثم شبب بنساء المسلمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن يقتل كعب بن الأشرف» فانتدب لذلك محمد بن مسلمة وملكان بن سلامة بن وقش وهو أبو نائلة من بني عبد الأشهل أخو كعب من الرضاعة وعباد بن بشر بن وقش والحرث بن بشر بن معاذ وأبو عبس بن جبر من بني حارثة وتقدم إليه ملكان بن سلامة وأظهر له انحرافا عن النبي صلى الله عليه وسلم عن إذن منه وشكا إليه ضيق الحال ورام أن يبيعه وأصحابه طعاما ويرهنون سلاحهم فأجاب إلى ذلك ورجع إلى أصحابه فخرجوا وشيعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد في ليلة قمراء وأتوا كعبا فخرج إليهم من حصنه ومشوا غير بعيد ثم وضعوا عليه سيوفهم ووضع محمد بن مسلمة معولا كان معه في ثنته فقتله وصاح عدو الله صيحة شديدة انذعر لها أهل الحصون التي حواليه وأوقدوا النيران ونجا القوم وقد جرح منهم الحرث بن أوس ببعض سيوفهم فنزفه الدم وهو يصلي وأخبروه وتفل على جرح الحرث فبرأ وأذن للمسلمين في قتل اليهود لما أبلغه أنهم خافوا من هذه الفعلة وأسلم حينئذ حويصة بن مسعود وقد كان أسلم قبله أخوه محيصة بسبب قتل بعضهم.

.غزوة بني قينقاع:

وكان بنو قينقاع لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر وقف بسوق بني قينقاع في بعض الأيام فوعظهم وذكرهم ما يعرفون من أمره في كتابهم وحذرهم ما أصاب قريشا من البطشة فأساؤا الرد وقالوا: لا يغرنك إنك لقيت قوما لا يعرفون الحرب فأصبت منهم والله لئن جربتنا لتعلمن أنا نحن الناس.
فأنزل الله تعالى: {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء} وقيل بل قتل مسلم يهوديا بسوقهم في حق فثاروا على المسلمين ونقضوا العهد ونزلت الآية فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعمل على المدينة بشير بن عبد المنذر وقيل أبا لبابة وكانوا في طرف المدينة في سبعمائة مقاتل منهم ثلثمائة دارع ولم يكن لهم زرع ولا نخل إنما كانوا تجار أو صاغة يعملون بأموالهم وهم قوم عبد الله بن سلام فحصرهم عليه السلام خمس عشرة ليلة لا يكلم أحدا منهم حتى نزلوا على حكمه فكتفهم ليقتلوا فشفع فيهم عبد الله بن أبي بن سلول وألح في الرغبة حتى حقن له رسول الله صلى الله عليه وسلم دماءهم ثم أمر بإجلائهم وأخذ ما كان لهم من سلاح وضياع وأمر عبادة بن الصامت فمضى بهم إلى ظاهر ديارهم ولحقوا بخيبر وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس من الغنائم وهو أول خمس أخذه ثم انصرف إلى المدينة وحضر الأضحى فصلى بالناس في الصحراء وذبح بيده شاتين ويقال أنهما أول أضحيته صلى الله عليه وسلم.